مع اقتراب نهاية عام 2024، نجد أنفسنا أمام لوحة قاتمة مليئة بالتناقضات، فقد كان هذا العام في ولاية الطارف شاهداً على تحولات عميقة، لكنها ليست كلها إيجابية، فالفساد وسوء التسيير أضحيا عناوين بارزة للمشهد العام، مما دفع بالكثيرين للتساؤل: هل يمكن أن يولد التغيير من قلب الأزمات؟
الفساد: مرض ينخر جذور التنمية
لم يكن الحديث عن الفساد في الطارف مجرد اتهامات عابرة أو شعارات شعبوية، بل تجسد في وقائع ملموسة أثرت على حياة المواطنين بشكل مباشر، من تضخم فواتير المشاريع التنموية إلى التلاعب بملفات السكن، أصبح الفساد أشبه بظل ثقيل يحجب الضوء عن أي محاولة للتقدم، الملفات المكدسة في أدراج الإدارات تروي قصصاً عن استغلال النفوذ والرشوة والتهاون في تحمل المسؤوليات.
مشاريع البنية التحتية المتعثرة، الطرق التي لا ترى النور إلا بعد انهيارها، والمستشفيات التي تعاني من نقص في التجهيزات، كلها تعكس سوء التسيير الذي بات جزءاً من النظام أكثر مما هو استثناء.
سوء التسيير: من غياب الكفاءة إلى غياب الضمير
إن سوء التسيير في ولاية الطارف لم يكن نتيجة لغياب الموارد، بل لغياب الكفاءة والضمير، الموظفون غير المؤهلين، واتخاذ القرارات بناءً على المصالح الشخصية، وغياب المحاسبة، كل ذلك جعل من الإدارة أداة لإنتاج الفوضى بدلاً من تقديم الحلول.
من جهة أخرى، تشهد الطارف ظاهرة تهريب الطاقات الشابة التي فضلت الهجرة بحثاً عن فرص أفضل، في حين أن الكفاءات الموجودة في الداخل تُهدر بسبب عدم وجود بيئة عمل شفافة ومحفزة.
الإيجابية وسط الظلام
رغم كل ذلك، لا يمكننا إنكار أن 2024 لم يكن كله سلبياً. فقد ظهرت مبادرات فردية وجماعية تسعى إلى خلق تغيير حقيقي، منظمات المجتمع المدني التي تعمل في الظل، وشباب قرروا مواجهة الفساد بالكلمة والعمل، وأصوات مطالبة بالإصلاح أصبحت تتردد بقوة، كلها أمور تعطي بصيص أمل في أن التغيير ممكن.
بين السلبية والإيجابية: أي مستقبل ينتظرنا؟
إن عام 2024، برغم سلبياته الواضحة، يحمل دروساً عميقة. لقد أظهر لنا أن الفساد وسوء التسيير ليسا مجرد مشكلتين إداريتين، بل ثقافة متجذرة تحتاج إلى مواجهة شاملة تبدأ بالتربية وتنتهي بتطبيق صارم للقانون.
المستقبل في الطارف يعتمد على قدرة السكان على تحويل إحباطاتهم إلى قوة دفع نحو الإصلاح، إذا كان الفساد وسوء التسيير هما وجه العملة الحالي، فإن الجانب الآخر يجب أن يكون الإصلاح والشفافية والمساءلة.
في النهاية، يمكننا القول إن 2024 قد يكون عاماً نذكره كحقبة مظلمة، أو كمنعطف حاسم في مسار ولاية الطارف نحو مستقبل أكثر إشراقاً، الخيار في أيدينا.